شركات ناشئة تسخّر الذكاء الاصطناعي لابتكار مواد تغير قواعد الصناعة

في تطور علمي لافت، أصبح الذكاء الاصطناعي محرك ابتكار رئيسي في مجال المواد المتقدمة، واعداً بثورة في صناعة البطاريات والبلاستيك الحيوي وأشباه الموصلات.
تسعى شركة CuspAI إلى تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف أطر معدنية عضوية (MOFs) جديدة قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء بكفاءة. وتستخدم الشركة منظومة متكاملة من نماذج الذكاء الاصطناعي، بعضها مخصص لتوليد جزيئات مرشحة ذات خصائص محددة، وأخرى لتقييم هذه المواد.
أظهرت دراسة حديثة أجراها طالب الدكتوراه إيدان تونر-رودجرز من معهد ماساتشوستس للتقنية نتائج مذهلة، حيث أدى استخدام أداة ذكاء اصطناعي في إحدى الشركات الأمريكية إلى زيادة اكتشاف المواد الجديدة بنسبة 44%، وارتفاع النماذج الأولية بنسبة 17%، وزيادة براءات الاختراع المسجلة بنسبة 39%.
وتتبنى شركة Orbital Materials اللندنية نهجاً عملياً أكثر، إذ طوّرت نموذجاً خاصاً باستخدام بيانات المحاكاة من أجهزة الكمبيوتر الفائقة. وبدلاً من العمل كمختبر افتراضي فقط، استثمرت الشركة في مختبرات داخلية ومهندسين كيميائيين للتحقق من فعالية اكتشافاتها وإمكانية تصنيعها على نطاق واسع.
وأعلنت Orbital في ديسمبر عن شراكة مع «أمازون ويب سيرفيسز» لدمج أحد اكتشافاتها في مراكز البيانات الضخمة، حيث ستستخدم الحرارة المنبعثة من أنظمة التبريد لتشغيل تفاعل كيميائي يزيل ثاني أكسيد الكربون من الهواء، بهدف تحويل مركز البيانات إلى مرفق سالب الكربون بتكلفة 20 سنتاً في الساعة لكل رقاقة.
من جهتها، تطور شركة VSParticle طابعة ثلاثية الأبعاد على المستوى النانوي، تستخدم تقنية «الاستئصال بالشرارة» لبناء طبقات رقيقة من المواد الجديدة جسيماً نانوياً تلو الآخر، وفقاً لوصفة فريدة لكل مادة.
ووصل التطور إلى مستويات أكثر تقدماً، ففي عام 2023، أظهر علماء من معهد ماساتشوستس للتقنية أن روبوتاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي استطاع التنبؤ بنحو 300 صبغة كيميائية جديدة وتصنيعها وتحليلها. وفي 2024، نجح فريق بحثي بقيادة جامعة تورنتو في تطوير عامل ذكاء اصطناعي ابتكر مادة فائقة لتضخيم الضوء في الليزر.
يرى ماكس ويلينغ، أحد مؤسسي CuspAI، أن استخدام مزيج من الذكاء الاصطناعي والروبوتات كاختصار لتصنيع مواد جديدة سيمثل تحولاً هائلاً، لكنه يحذر من أن «الوصفات حساسة للغاية»، إذ يمكن لاختلافات طفيفة في الرطوبة أو جودة الهواء أن تعرقل إنتاج المنتج المطلوب.
وفي خطوة واعدة، أعلنت شركة ميتا في نوفمبر 2024 عن شراكة مع VSParticle وجامعة تورنتو، أسفرت عن إنشاء وتحليل ورقمنة أكثر من 500 محفز كهربائي تجريبي، وهي فئة من المواد قد تكون حاسمة لتشغيل بطاريات الجيل القادم.
بالنسبة لتشاد إدواردز، المؤسس الآخر لـ CuspAI، فإن الرهان أكبر من مجرد تطوير مادة جديدة لالتقاط الكربون؛ إنها فرصة لإثبات أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم مساهمة حقيقية للعلم.